Thursday, February 18, 2016

صعب وطويل

المعضلة الوجودية لا تتمحور _كما قد يبدو لكثيرين_ حول كون الطريق "صعب وطويل وبيمتحن الروح" او حتى حول كون "آخرته لحن حزين" . فالمعضلة هى مدى صلاحيتنا لهذا الطريق ، ومدى صحة الاختيارات الخاطئة _اللانهائية_ خلاله.
بالنسبة لمدى صلاحيتنا للطريق فانا حاليًا أظن اننى لا اصلح لكونى مهندس. وكونى اصلح لا يتعلق بمجرد "الامكانية" فانا بالتأكيد يمكننى ان اصبح مهندس بل وربما مهندس جيد ايضاً ، لكن الامر متعلق اكثر بالدافع الخفى الذى سيجعلك تستيقظ كل صباح للذهاب الى عملك .
اما بالنسبة للاختيارات فالأمر متعلق دائمًا بتضييع المزيد من اللحظات الجيدة تمسكًا بالصوت العاقل الكامن بداخل رأسك قليل الحيلة ، عملًا بمدأ تجنب وقوع المزيد من التراجيديا التى ستزيد الأمر سوءاً بشكل ملحوظ ، هو بالتأكيد السبب الأول لتولد المزيد من التراجيديا بشكل ملحوظ..جيت اظبط الجاكتة البنطلون ضرب !

بالأمس كنت كلما وجدت لا طائل من بعض الأمور ، مثل محاضرة طويلة لم تخرج منها بكلمة مفهومة ، كنت اهم بالرحيل دون اكتراث . الآن بعد ان انتهى الامس بالرسوب فى فى اغلب المواد ، لم اعد اقوى عن الرحيل بتلك البساطة . حتى حينما يخبرنا استاذنا الجامعى بانه لن يقوم بالحاق اى ضرر بمن سيغادر..كنت اجلس احاول استعمل الموجات الدماغية لتحريك عقارب الساعة قليلًا فقط...الخوف من عبور الخط الفاصل بين ما ينبغى عليك فعله تجنبًا لظهور ورم فى المخ ، وبين ما ينبغى عليك فعله تجنبًا لاشياء سيئة قد تحدث او لا تحدث .

فى الفصل الدراسى الماضى تصادف موعد امتحانات منتصف الفصل مع موعد بانوراما الفيلم الاوروبى ، وهو احد فعاليات مهرجان كان . وفيه يتم عرض بعض الافلام المشاركة فى المهرجان .
حاولت اقناع بعض الرفاق بالحضور رغم اننا كنا لا ننام بسبب اسبوع حافل بالامتحانات ..فى الحقيقة كنت احاول اقناع نفسى لا اكثر .
كان الفيلم سيتم عرضه فى الخامسة ، وحتى الساعة الرابعة وخمسة وخمسون دقيقة كنت ما ازال فى فى المنزل احاول التوصل لقرار. كان ذاك الصوت يجعلنى غير قادر على التحرك . على ان انام قليلًا فهنالك امتحان بالغد لمادة لا اعرف عنها اى شئ ، وانا لم انم منذ اكثر من 24 ساعة ..الخيار المنطقى كان عدم الذهاب لكن بسرعة خاطفة _ومدفوعًا باغنية من كلاسيكيات الروك عن الرجل الذى باع العالم _ ارتديت ملابسى ووضعت اوراق المادة فى حقيبتى وغادرت المنزل . طوال الطريق كنت ما ازال افكر بالعدول عن الامر لكننى لم استجب لتلك الافكار ، ودخلت السينما وجلست لساعتين هناك ، ظللت انظر خلالهم للساعة كل دقيقة .
انهيت الفيلم ورحلت بسرعة شديدة. كان هناك مطر خفيف بالخارج ..المشهد باكمله كان لطيف جدًا . دخلت الامتحان باليوم التالى ولم اواجه خطر الرسوب بل فى الحقيقة كنت موفقًا للغاية ..لم يكن هناك عواقب لاختلاس ساعتين من اجل فعل شئ ممتع فى نهاية المطاف.
لم يكن الموضوع يتعلق بالفيلم على الاطلاق بل كان يتعلق بكونى شخصًا قد اتم الثانية والعشرون من عمره وما يزال يخشى الخروج عن النسق ..شخص على الأرجح اغفل حقيقة ان الأشياء لن يتم فعلها الا اذا فعلناها ، على حد تعبير احدهم .

ما زلت نفس الشخص فخروجى عن النسق مرة او اثنان ، والافلات بالأمر دون عواقب لن يكفى لاقناعى . هنالك اشياء كثيرة لن افعلها ، هذا اكيد لكننى ساحاول قدر المستطاع ان احارب ذلك الصوت من حين لآخر على امل الانتصار فى احد الايام وعلى امل الا تطاردنا عواقب افعالنا ، وبالطبع على امل ايجاد جانب ايجابى حينما نتخلى عن فعل الأشياء التى اردنا فعلها .

No comments:

Post a Comment