Saturday, December 31, 2016

how it ends

كنا فى طريقنا الى المنزل انا وماهر والشبراوى، حينما انفجرت اللمبة التى يحملها احد عواميد الطريق بمجرد مرورنا اسفلها . كانت الساعة قد دقت الثانية عشر منذ حوالى نصف ساعة، كانت هذه هى الساعة الاولى من 2016 .
 بينما الشبراوى يمر بحالة من الهلع ويتساءل "ايه دا ؟ ايه اللى حصل دا؟ لا لا ايه دا يا جماعة ؟"، كنت انا وماهر منهمكون فى الضحك دون اكتراث. ظننت انها طريقة ملائمة لبداية العام الجديد..طريقة ملائمة للغاية.
خلال ساعات ستنتهى 2016 وستحين الساعة الاولى من 2017 .الشبراوى ما يزال فى احدى بقاع الاسماعيلية يدون اسماء الجنود الذاهبون الى رفح ، اما ماهر فقد قضى لحظاته الاخيرة فى مكان ليس ببعيد عن ذاك الذى يجلس فيه الشبراوى فى هذه اللحظة .

"And now the end is near and so I face the final curtain"
 frank sinatra-my way
شرفتى تطل على طريق مصر اسكندرية الزراعى. اعتدت ان اجلس لفترات متفرقة خلال اليوم اتأمل المارة، وربما شجار ناتج عن اصطدام سيارتين، او حتى مجموعة الكلاب التى كانت تسكن الارض الخالية بجوار عمارتنا .
 الآن قد احتلت بناية ضخمة هذه القطعة الفارغة من الارض، وخلال اسابيع لن ارى اى شئ حينما انظر من الشرفة ، سوى جدار كبير من الطوب الاحمر .
"And you already know
how
this
will
end"
 devotchka-how it ends

العالم الذى اعتدنا النظر اليه بنوع من اليأس والأسى اتضح انه كان افضل ما يمكننا الوصول اليه . كان عالمنا الصغير الملئ بالنكات عن مدى كون الحياة سيئة وكئيبة هو الشئ الوحيد الذى نمتلكه . وها هو ذا يلفظ انفاسه الاخيره ويستعد ليتم تحطيمه بالكامل .
 الأصدقاء يرحلون للأبد والطرق تفترق دون رجعة . وحتى هذه الألشات السخيفة لن نجد من نقصها لها . الاغانى التى اعتدنا الاستماع اليها طوال الوقت اصبحت شديدة الكآبة الآن بعد ان انتهى عمر من كنا نغنيها معه وكل الشئ امتلك بعد اكثر ظلامًا .. اكثر ظلامًا حتى مما كان عليه .

"je repars à zéro"
 edith piaf - non je ne regrette rien

فى بعد زمنى آخر، يختلف فيه السيناريو الذى سارت الأمور وفقًا له، كان فكرى ليظل على قيد الحياة ، وربما كنا لنجلس بينما الجميع يحتفلون برأس السنة الآن، نعيد تكرار محاولاتنا الفاشلة للمذاكرة من اجل الامتحان الشفوى . كنت لاخبره اننى لا افهم اى شئ من الموجود بالورق المبعثر امامنا ، وكان سيخبرنى انه يفهمها جيدًا وسيقوم بشرحها لى . وبالفعل يبدأ فى الشرح وبمجرد ان اواجهه بسؤال حتى يصمت قليلًا ويخبرنى "لا مش عارف..بص ! هو المعيد قال انها كده وخلاص" فابتسم واربت على كتفه واخبره ان والله العظيم مفيش حاجة اسمها "كده وخلاص" هنالك سبب لكل شئ فى الكون. لو رأيت فكرى مجددًا كنت لأخبره انه كان محقًا..بعض الامور تحدث دون ان يكون هنالك سببًا خفى وراء حدوثها .
 ربما كان ليكون صديقى العزيز ماهر ما يزال على قيد الحياة، يخوض معى نقاش آخر حول الناصرية او البنك الفيدرالى او يحكى لى قصصًا عن الحضارة الاسكندنافية او الحاج نبوخذ نصر الثانى . كان ماهر ليكسب النقاش كالعادة . او ربما كنا لنتحدث عن احد اهم الاشياء التى اتفقنا فيها مثل العالم الساحر للسينما الاوروبية ونتبادل قائمة بالافلام التى لم يشاهدها احدنا بعد . وما ان ننتهى حتى يسخر من كل شئ فى محيط رؤيته حتى انا وهو شخصيًا .
 اخر حديث خضته مع ماهر كان عن "الانتروبى" والقانون الثانى للديناميكا الحرارية . اخبرته ان الانتروبى ستكون السبب فى فناء العالم . الانتروبى هى كل تلك الفوضى من حولنا . هى السبب فى حيود جميع القوانين والأشكال عن القوانين المثالية. واخبرته اننا سأخبره بالموضوع كاملًا فى اجازته القادمة لان عليه ان يسرع ليتمكن من الحلاقة والاستعداد لانطلاقه الى الجيش الثانى فى اليوم التالى .
 الحقيقة هو ان هنالك سبب اكثر بساطة لنهاية العالم..مثل الموت ..النهاية .

"الامر ما يزال على ما يرام
الامر ما يزال على ما يرام
الامر ما يزال على ما يرام
ليس المهم كيف تسقط
بل كيف تهبط"
 الكراهية

كل ما ارغب فيه الآن هو ان يظل الوضع على هذا القدر من السوء ، لاننا ما زلنا –رغم كل شئ- قادرين على السخرية من الامر ..ما زال هنالك امل ما فى اننا سنتأقلم فى النهاية مع كل هذا الحزن والافكار الانتحارية وآلام القولون .
 اتمنى فقط ان يصمد عالمنا المتنيل بنيلة لوقت اطول ، لنردد الألشات وافيهات فيلم الناظر، وندندن مزيكا المال والبنون بشجن، او ابدأ فى الغناء فجأة "آن الاوااااان، الآن سنثبت اننا الامهر فى..." والتفاخر باننى امتلك طبقة صوت قريبة من المغنى الاصلى .
 اتمنى ان تدون جلساتنا وقت اطول قليلًا ونستمر فى روية الحياة كمزحة ثقيلة لكنها تظل مضحكة . كل هذا الأسى والموت والفشل والسيريالية ، ليسوا سوا مزحات اخرى سنرددها ونضحك رغم كل شئ .

"I found out why i came here. To find out how bad life gets.
and when it’s this bad..it’s still fucking funny"
 Louie CK

اظن اننى بمرور الوقت توصلت لادراك هام وهو ان حياتنا مجرد فيلم آخر لتشارلى كوفمان . لكن ليس ذلك الفيلم الذى ينتهى بالاستلقاء اعلى بحيرة مجمدة بجوار فتاة جميلة تدعى كلمنتاين .

"You have struggled into existence, and are now slipping silently out of it"
 charlie kaufman-synecdoche new york


Tuesday, August 23, 2016

عزيزى ماهر : Non, Je ne regrette rien

عزيزى ماهر
اردت فقط ان اخبرك اننا بخير او لسنا بخير كما كنا دومًا .نردد ان "الامر ما يزال على ما يرام " ونشاهد فيلم الكراهية كلما امكننا ونحاول زرع الاسفنج اسفل ناطحات السحاب لان ليس المهم كيف تسقط بل كيف تهبط ، كما تعرف بالطبع .
ما زلت ادخن ال"ال ام الابيض" كما عهدتنى ، واطلب الشاى الخمسينة ، وما زال القهوجية يخطأون ويحضرونه ستينه وسبعينه .
الشبراوى ما يزال فى حلمية الزيتون ، يتناوب على حراسة مخازن السلاح وبط القائد . وعمرو يذهب الى الجيم ويحاول التخلص من الكرش الذى اصطحبه معه عند عودته من الكويت . حازم ما زال يقوم بتقريب شاشة الموبايل من وجه حتى يتمكن من التغلب على قصر النظر . اما لطفى فما يزال يحارب جيوش الزومبى والتكفيريين فى الشيخ زويد كما ان يوم ميلاده هو ايضًا فى فى اليوم الاول من اغسطس مثلك...يبدو اننى لم اكن العامل الوحيد المشترك بينكما فى النهاية .
ما زلت غير قادر على القيام بتمرينات الابوكاليبس التى كنت تقوم بها لاننى ما ازال راجل صحتى على قدى . وبالطبع لم اتمكن بعد من اتقان حركة نهال عنبر الممنوعة من التعليم لانها _بطبيعة الحال_ ما تزال ممنوعة من التعليم .
ما زلنا نسخر من الوضع كلما امكننا ، ما زلنا نبكى بافواه مفتوحة على وسعها ، وحناجر تنفجر باصوات القهقهة .
ما نزال كما كنا دائمًا..فقط اكثر حزنًا بدونك .
ما زالت رنة هاتفى هى "الحشد" لايديث بياف..تلك التى حصلت عليها منك ودندنتها الى جوارك بعد ان ترجمتها لى .
ما ازال فى الكلية وما ازال العن واسب الدين للدكاترة والمعيدين .
ما ازال اترك الخروجات ، واتخلف عن قعدة القهوة لاذاكر من اجل عالم جديد شجاع تقديره العام جيد .
ما ازال احاول تخطى الحزن الناتج عن فقدانك .
الفقر ما يزال حليفى الاقرب كما تعودت ويبدو ان المقربين منى لم يكونوا ينصتوا اليك جيدًا حين اخبرتهم ان يبتعدوا عنى قدر المستطاع حتى لا ينتهى بهم الامر مثلك .
اتفقت مع عمرو منذ عدة ايام ان نذهب الى كشك الاستاد لشراء سيجار فاخر وتدخينه سويًا كما كنت تفعل لكننى نكثت عهدى معه بسبب ما تفعله امراض الانفلونزا وحساسية الصدر والالتهاب الرئوى بسكان العالم الثالث .
ما زلت احكى عنك لمن لم يعرفك لاولئك الذين لم يكونوا محظوظين بالقدر الكافى لمعرفتك . لا احد يصدق بالطبع ما حكيته ، ويظنون انه احد تلك الاحاديث التى لا تنتهى عن الموتى..تلك التى يصبح فيها الجميع ذوى مبادئ واساطير ..لا احد يصدق انه كان هنالك شخص ما مثلك .
الحياة مستمرة يا عزيزى كما كانت دومًا وما زال علينا ان نحمل اكفان اصدقاء العمر .
على كل حال فاتمنى ان يكون الوضع افضل اينما كنت .
Aujourd'hui, ça commence avec toi



Wednesday, June 22, 2016

شجرة الحياة



منذ سبعة اعوام ، انتقلت الى البيت الذى اسكنه الآن . كانت شرفتى تطل على شجرة عملاقة . توازى قمتها الطابق الثامن لعمارتى . شجرة عظيمة لم يزدها الدهر سوى صلابة وتشعب اكثر لجذورها فى الأرض . اكتشفت فيما بعد ان المنطقة التى انتمى اليه قد تم تسميتها تيمنًا بها..حى الشجرة . على الأرجح هى احد اقدم الأشجار فى المدينة ، وبالتأكيد فقد تجاوز عمرها المائة عام منذ فترة طويلة . المئات فى حى الشجرة خرجوا الى الحياة وآخرون رحلوا والشجرة ما تزال هنا . 
صرح عظيم يأوى عشرات الطيور بمختلف الانواع ، ففى احد الأغصان تجد عائلة عصافير صغيرة ، فى آخر ستتمكن بوضوح من رؤية عدة عيون مستديرة لامعة لبعض البوم تحدق فيك ليلًا ، وبالطبع هنالك عائلة الغربان التى اعتادت يقاظى من شدة الفزع كل اسبوع حينما توشك على تفتيت زجاج غرفتى بمنقارها .
طوال السبعة اعوام الماضيين ، اعتدت التحديق فى الشجرة كلما خرجت لأدخن سيجارة _وما اكثر الوقت الذى قضيته فى التدخين_ حتى استيقظت فى احد الايام فلم اجدها .
الشجرة فجأة اختفت ، دون اى اثر . حتى ان جذورها قد انتزعت بأكملها . فكرت ان اسأل عم محمود صاحب كشك الشجرة الذى نشأ منذ مدة طويلة ملاصقًا للشجرة . كان من المستحيل اصلًا ازالة الشجرة والكشك موجود ، لكن الشجرة كانت قد اختفت والكشك كان لايزال موجود دون ان يمسه اى ضرر . وبالطبع امتنعت عن سؤال عم محمود لأن كل هذا الحشيش الذى يدخنه يوميًا قد يجعله يتساءل عن أى شجرة اتحدث..ماذا كان اسم الكشك ؟ لا اعرف حقًا يا عم محمود لربما اختفى الكشك ايضًا وكلانا لم يدرك بعد .


لا أعرف كيف حدث الأمر ، لكننا فجأة وجدنا انفسنا فى شقة الشيخ ميشو . كان يقطن الطابق السفلى لبناية متهالكة ، لكنها ليست متهالكة بقدره .
رجل تجاوز السبعين من عمره حول شقته البسيطة لملاذ لكل الشباب الذى يريد الهروب من درس الرياضيات وتدخين السجائر الكيلوباترا التى كان يحتفظ بالمئات منها رغم انه لم يدخن يومًا فى حياته .
اثناء سرده لاحدى نكات البالغين ، اخبرنا ان وظيفته هى قارئ فى المآتم ، ثم عاد لسرد نكته اخرى اباحية .
كان يتحرك بصعوبة بالغة ، وكانت جدران المنزل معبأة بصور لأشخاص مختلفين ، اخبرنا انهم اعتادوا المجئ هنا فى الماضى وفى احد الايام توقفوا عن المجئ . شباب مثلنا اعتادوا الهروب من المدرسة والمجئ الى هنا لكن فى النهاية انتهت المدرسة ولم يتبق سوى صور 4X6 على الجدار تؤنس رجل كهل يستمع الى ام كلثوم ويروى قصص اباحية من اجل اضحاك اطفال فى السادسة عشر من عمرهم .
توقفنا عن الذهاب له فى النهاية لان ما جال بتفكيرنا حينذاك هو انه بالتأكيد لا يوجد شخص سليم العقل يفعل ما يفعله الشيخ ميشو ، لكننا لم نكن قد ادركنا بعد ما يمكن ان تفعله الوحدة بسليم العقل .
لا اعرف ماذا حل بالشيخ ميشو لكن على الأرجح انهى الجميع مدارسهم ورحلوا ، وبقى هو فى شقته وفى احد الايام تم اكتشاف جثته عن طريق الصدفة او ربما حاسة الشم .


فى السنة الأول من الثانوية العامة ، اعتدت انا ولطفى ان نخرج فى رمضان بعد الافطار مباشرة بحجة صلاة التراويح ، ثم شراء علبة مارلبورو احمر ، نجلس فى احد القهاوى ونعكف على انهائها قبل الذهاب للمنزل . وطوال فترة التدخين كنا نضحك..لم نكن نفعل شيئًا حينذاك سوى الضحك على الأرجح .
هذه الايام لم نعد انا ولطفى بحاجة لاستعمال حجة واهية مثل صلاة التراويح من اجل مغادرة المنزل ، وبالتأكيد لم نعد بحاجة للاختباء من اجل تدخين سيجارة . فقط جلسنا طوال هذه الايام الماضية من اجازته القصيرة ، نتحدث عن الموت . لطفى الذى اصطحبه القدر الى سيناء التى لم "ترجع لينا تانى" ولا حاجة . هنالك ينام لطفى ممسكًا بسلاحه على اصوات الانفجارات وتبادل النيران وصراخ الموتى.


قضيت انا وفكرى ليالى عديدة نحسب الدرجات اللازمة لاجتياز السنة الدراسية لنحول دون تكرار مآساة الدبلرة مجددًا . وضعنا الخطط واحضرنا الملازم التى كنا بحاجة اليها ثم جلسنا نتابع مباراة ريال مدريد واتلتكو .
فى النهاية نجحنا فى العبور وتمكننا من كتابة اسمائنا فى كشف اسماء سكشن 2 فى الفرقة الثالثة من شعبة ميكانيكا القوى ، لكن احدنا فقط كان يجيب بنعم هذا العام حينما كان يتم نداء اسمينا .


منذ حوالى اسبوع ودعت ماهر لانه سيرحل فى الصباح الى كتيبته فى الجيش الثانى الميدانى . سخرنا من كل شئ وتبادلنا النكات وضحكنا فى وجه المآساة والحياة ذات الحظ القليل جدًا . تحدثنا عن الموت واخبرته اننى لست مستعد ، فابتسم واخبرنى ان الامر لا يهم حقًا ..فى النهاية سيموت الجميع ولا يهم حقًا متى يحدث هذا . حينما تموت فانت ميت ليس هناك شيئًا لفعله حيال الأمر ثم القى دعابة عن الموت كما فعل دائمًا . 
البعض يحبون جمع الطوابع وآخرون يحبون لعب الكرة ، اما احد هوايات ماهر فقد كانت حمل النعوش . فى كل الجنازات التى حضرها كان دائمًا احد حاملى النعش ، مهما كانت درجة قرابته بالشخص . فى احدى المرات اكتشف انه فى الجنازة الخطأ لكن هذا لم يمنعه على اى حال من حمل نعش هذا الشخص الذى لا يمت له بصلة . اعتاد ان يخبرنا الا نقلق حيال الموت لانه سيحمل نعوشنا حينما تحين اللحظة .
يوم الأربعاء الماضى ودعت ماهر للمرة الأخيرة وانتظرت حتى تم اغلاق القفل على قبره لكى اتأكد ان الأمر ليس احد دعابته المعتادة . ماهر قد رحل ورغم محاولاتى الشديدة الا اننى لم اتمكن من التوغل داخل الزحام وحمل نعشه . لا اعرف ان كنت ساتمكن من فعلها حقًا ام لا ! ففى النهاية لم يكن من المفترض ان احمل انا نعشه ..حمل النعوش كان اختصاص ماهر لكن ها انا ذا اودعه للمرة الأخيرة .

Friday, June 10, 2016

لماذا نحن دائمًا بحاجة الى التيراميسين

محاولات صباحية لاستحضار ارواح الماضى وعمل قعدة صلح وانشاد ترانيم الهاكونا ماتاتا الصباحية . والعودة الى الأصول الطيبة للأشياء ، ولزمن اكثر بساطة وجمال . لكن كل المحاولات تنهار مع قراءة اول سطر فى المسألة والذى ينص على ان الحياة ليست isentropic والعملية ليست سبهللة يا صديقى العزيز . فكم هو صعب الاستمرار فى السير الى الأمام ، فما بالك بقى بالسير فى عكس اتجاه الزمن ! وفى جميع الاحوال فطريقك مسدود واليوم عيد ميلاد جرح شخص ما لن يتمكن من العودة فى الزمن لوضع المرهم التيرمايسين او تبديل الضمادة حتى لا يترك الجرح علامة قبيحة او قرحة فى الجلد تترك اثرها الواضح لأعوام .
ومن الواضح ايضًا اننا سنستمر فى اتخاذ القرارات الخاطئة والسير فى الاتجاه الخاطئ للطريق لاننا نفعل هذا للمرة الأولى دون دليل واضح على اثره على المستقبل البعيد او القريب ، ولأن العالم مكان مبهم وارواحنا توقفت عن استقبال الوحى منذ تعرض للتشويش بفعل البرج الحديدى العملاق الذى ادخلته فوداوفون الى الحى الذى اعتاد ان يكون اكثر هدوءًا .

Monday, May 16, 2016

عبس وتولى

اظن انه مع الوقت ستفقد كل الأشياء قيمتها وسيؤول الأمر بكل ما انجبته الحضارة البشرية الى مجرد اكليشيه آخر سخيف "كليتش"
فى احد الأزمنة الماضية ، لا بد ان احدهم نطق فجأة بجملة مثل "اسير فى المطر حتى لا يرى الناس دموعى" وعلى الأرجح بكى الحاضرين جميعًا وصفقوا بحرارة وتعجبوا من القدرة الأدبية العظيمة لدى قائل العبارة . لا بد ان هذا ايضًا حدث مع اول مرة سمع فيها احدهم جملة مثل "اذا اردت شيئًا بقوة فأطلق سراحه" على الأرجح راح احدهم يلقى كل امواله فى مياه الصرف الصحى لاكتشاف اذا ما كانت ستعود اليه يومًا ما ، واثناء الانتظار الطويل اخذ يجول الشوارع يستجدى الناس ثمن وجبة العشاء .

حينما تموت ينتهى الأمر . ليس هنالك وجود لك فى هذا العالم . لقد رحلت الى الأبد . لهذا من السخف ان نضيع حياتنا بهذا الشكل ظننًا اننا سنجول العالم للأبد كأطياف ضوئية ، فى تلك المنطقة الرمادية ذات الطول الموجى الغير مرئى.  الأموات لن يموتوا مجددًا لانهم لن يعودوا الى الحياة مجددًا .


حينما فتحت باب غرفتى ، وجدت آدم يمسك بعلبة السجائر الخاصة بى . كان قد فتح ادراج المكتب كلها ثم امسك بالعلبة واخذ يخرج السيجارة تلو الأخرى ويتفقدهم بفضول .
لسبب ما لم اتمالك نفسى وصرخت فيه بغضب . نظر الى آدم للحظات وكان على وشك البكاء ، ثم فجأة تحولت نظرته الحزينة الى غضب مشتعل ، وصوب ساعته الى وضغط على احد الأزرار الموضوعة على جانب الساعة فخرج شعاع ليزر رفيع ، ترك نقطة حمراء على قميصى . لم اتمالك نفسى من شدة الضحك ، لكن آدم لم يتراجع . ظل يضغط على الزر حتى كاد يكسر الساعة..اراد من كل قلبه ان يخترقنى شعاع الليزر وحينما لم يحدث مثل هذا الأمر _الحمدلله_ خرج واغلق باب الغرفة خلفه بعنف.


فى المرة الأولى التى قرأت فيها سورة عبس ، كنت مرعوبًا بشدة من الآيات 34 ، 35 ، 36 و 37 .
"يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) "
لهذا الأرجح حينما اتممت حفظ جزء عم ، كان ينقصه سورة عبس . كان الأمر مرعب خاصة لطفل لم يتجاوز العاشرة . هل سأفعل هذا حقًا . لم اصدق حينها ، لكن مع الوقت كبرنا وادركنا ان هذا سيحدث على الأرجح لاننا لم نخلق من ضوء كما كنا نظن ..انا اعرف ان هنالك كم ظلام كافى بداخلنا لجعل نار الله دائمًا موقدة . ربما اكون _فى احد المناطق المظلمة من اللاوعى_ منذ تلك اللحظة قد قررت الا اكون من يدير ظهره للناس ، ربما منذ هذه اللحظة قررت ان اسلك سلوك من سيدير الناس ظهرهم اليه . سيفر الجميع منى ولن افر من احد لان من سيريد شخص مثلى ان يشفع له ...لا بد انه سيكون حقًا شخص بائس .


متى صرنا كبارًا يا ترى ؟ على الأرجح حينما توقفنا عن الايمان بان آشعة الليزر الصادرة عن ساعاتنا الصغيرة يمكنها قتل البنى آدمين ...حينما ادركنا اننا "مجرد العاب"


مع الوقت سيصير كل شئ اكليشيه . كلمات شكسبير ، اغانى الست . حتى نيتشه نفسه لن ينجو . كل شئ سينهار ويصبح بعض اتربة تحملها الرياح لتعلق على طاحونة هواء ما يحاربها احدهم فى اليوم التالى .
نحن نكبر والعالم يزداد كبرًا حولنا ، ونحن لسنا لعبة يمكنها الطيران .

Saturday, March 5, 2016

وتتوالى الانتصارات

حينما احرز صلاح الهدف الثانى ، كان الجميع قد تركوا مقاعدهم . الكل يصفق ، يصرخ ، يحتفل . حتى انا نفسى رغم اننى اشد البعد عن كرة القدم ، ومتابعتى للمباراة لم يكن سوى من قبيل الصدفة .
كان واضحًا بشدة ان الأمر لم يكن الأمر مجرد احتفال بلاعب مصرى .. كان نصرًا شخصيًا . كان هذا واضحًا فى عيون الجميع ، فى عصبيتهم المفرطة حينما لم يقم احد لاعبى الفريق بتمرير الكرة لصلاح ، كان الأمر واضحًا فى الفرحة الغير الطبيعية وفى التعليقات المتتالية على شبكات التواصل الاجتماعى .
لم يكن الأمر يتعلق بصلاح . لقد اختفى صلاح من الوجود وحللنا نحن مكانه . نحن احرزنا الهدف بعد شرب الشاى الخمسينة ومداعبة شعيرات متفرقة من بطوننا وبصق كتل من البلغم . بعد الحديث عن كل تلك الأشياء التى لم نفعلها . كنا بحاجة الى هذا الهدف . بعد كل الهزائم التى لا تنقطع والليالى التى تبدو انها ستستمر فى كونها "فل على حاتم بيه" دون غيره ، كنا بحاجة الى هذا الانتصار .
نحن بحاجة الى هذا اكثر من صلاح نفسه...

Thursday, February 18, 2016

صعب وطويل

المعضلة الوجودية لا تتمحور _كما قد يبدو لكثيرين_ حول كون الطريق "صعب وطويل وبيمتحن الروح" او حتى حول كون "آخرته لحن حزين" . فالمعضلة هى مدى صلاحيتنا لهذا الطريق ، ومدى صحة الاختيارات الخاطئة _اللانهائية_ خلاله.
بالنسبة لمدى صلاحيتنا للطريق فانا حاليًا أظن اننى لا اصلح لكونى مهندس. وكونى اصلح لا يتعلق بمجرد "الامكانية" فانا بالتأكيد يمكننى ان اصبح مهندس بل وربما مهندس جيد ايضاً ، لكن الامر متعلق اكثر بالدافع الخفى الذى سيجعلك تستيقظ كل صباح للذهاب الى عملك .
اما بالنسبة للاختيارات فالأمر متعلق دائمًا بتضييع المزيد من اللحظات الجيدة تمسكًا بالصوت العاقل الكامن بداخل رأسك قليل الحيلة ، عملًا بمدأ تجنب وقوع المزيد من التراجيديا التى ستزيد الأمر سوءاً بشكل ملحوظ ، هو بالتأكيد السبب الأول لتولد المزيد من التراجيديا بشكل ملحوظ..جيت اظبط الجاكتة البنطلون ضرب !

بالأمس كنت كلما وجدت لا طائل من بعض الأمور ، مثل محاضرة طويلة لم تخرج منها بكلمة مفهومة ، كنت اهم بالرحيل دون اكتراث . الآن بعد ان انتهى الامس بالرسوب فى فى اغلب المواد ، لم اعد اقوى عن الرحيل بتلك البساطة . حتى حينما يخبرنا استاذنا الجامعى بانه لن يقوم بالحاق اى ضرر بمن سيغادر..كنت اجلس احاول استعمل الموجات الدماغية لتحريك عقارب الساعة قليلًا فقط...الخوف من عبور الخط الفاصل بين ما ينبغى عليك فعله تجنبًا لظهور ورم فى المخ ، وبين ما ينبغى عليك فعله تجنبًا لاشياء سيئة قد تحدث او لا تحدث .

فى الفصل الدراسى الماضى تصادف موعد امتحانات منتصف الفصل مع موعد بانوراما الفيلم الاوروبى ، وهو احد فعاليات مهرجان كان . وفيه يتم عرض بعض الافلام المشاركة فى المهرجان .
حاولت اقناع بعض الرفاق بالحضور رغم اننا كنا لا ننام بسبب اسبوع حافل بالامتحانات ..فى الحقيقة كنت احاول اقناع نفسى لا اكثر .
كان الفيلم سيتم عرضه فى الخامسة ، وحتى الساعة الرابعة وخمسة وخمسون دقيقة كنت ما ازال فى فى المنزل احاول التوصل لقرار. كان ذاك الصوت يجعلنى غير قادر على التحرك . على ان انام قليلًا فهنالك امتحان بالغد لمادة لا اعرف عنها اى شئ ، وانا لم انم منذ اكثر من 24 ساعة ..الخيار المنطقى كان عدم الذهاب لكن بسرعة خاطفة _ومدفوعًا باغنية من كلاسيكيات الروك عن الرجل الذى باع العالم _ ارتديت ملابسى ووضعت اوراق المادة فى حقيبتى وغادرت المنزل . طوال الطريق كنت ما ازال افكر بالعدول عن الامر لكننى لم استجب لتلك الافكار ، ودخلت السينما وجلست لساعتين هناك ، ظللت انظر خلالهم للساعة كل دقيقة .
انهيت الفيلم ورحلت بسرعة شديدة. كان هناك مطر خفيف بالخارج ..المشهد باكمله كان لطيف جدًا . دخلت الامتحان باليوم التالى ولم اواجه خطر الرسوب بل فى الحقيقة كنت موفقًا للغاية ..لم يكن هناك عواقب لاختلاس ساعتين من اجل فعل شئ ممتع فى نهاية المطاف.
لم يكن الموضوع يتعلق بالفيلم على الاطلاق بل كان يتعلق بكونى شخصًا قد اتم الثانية والعشرون من عمره وما يزال يخشى الخروج عن النسق ..شخص على الأرجح اغفل حقيقة ان الأشياء لن يتم فعلها الا اذا فعلناها ، على حد تعبير احدهم .

ما زلت نفس الشخص فخروجى عن النسق مرة او اثنان ، والافلات بالأمر دون عواقب لن يكفى لاقناعى . هنالك اشياء كثيرة لن افعلها ، هذا اكيد لكننى ساحاول قدر المستطاع ان احارب ذلك الصوت من حين لآخر على امل الانتصار فى احد الايام وعلى امل الا تطاردنا عواقب افعالنا ، وبالطبع على امل ايجاد جانب ايجابى حينما نتخلى عن فعل الأشياء التى اردنا فعلها .

Friday, January 22, 2016

الذكرى الخامسة ل"لاجدوى الأفعال"

هل سمعت قصة الرجل الذى سقط من اعلى ناطحة السحاب
اثناء سقوطه ظل يحاول طمأنة نفسه مرددًا
"الأمر ما يزال على ما يرام"
"الأمر ما يزال على ما يرام"
"الأمر ما يزال على ما يرام"
ليس المهم كيف تسقط
بل كيف تهبط


الساعة حوالى الثالثة فجرًا . الثلاثاء 1/12/2015
استيقظت للتو . أخرج للشرفة وأشعل السيجارة تلو الأخرى لقتل الوقت .
فى الأسفل الكلبان المجاوران لمنزلى يقتلان الوقت بطريقتهما الخاصة . انتظار احد السيارات حتى تقوم بتهدئة السرعة لتجاوز المطب قبالتهما ، وهنا يظهران فجأة من الظلام بنباح مرعب . السائق يرتجف ويفقد السيطرة على المقود للحظات لكنه سرعان ما يدرك انهم لن يمكنهم الوصول اليه داخل السيارة..هو محمى بالكامل . هنا يعود لوعيه ويحكم سيطرته على المقود بينما يعود الكلبان للظلام مجدداً .
خطر فى بالى ان هذا المشهد يشبه الثورة بشدة . الضربة المفاجئة الغير متوقعة التى أفقدت النظام اتزانه لبعض الوقت .
ظهر الناس من الظلام فجأة وطاردوا النظام . ركضوا..صرخوا..ثم وقفوا لاهثين مراقبين عدوهم يفِر هاربًا .
الكل يظن ان هذه هى النهاية..الجميع يديرون ظهرهم ويبدأون فى السير منتشين بالانتصار ، لكن فى تلك اللحظة يستعيد السائق وعيه "أنا محمى..أنا بداخل السيارة..لن يمكنهم حتى ان يلمسونى" وهنا يحكم قبضته على المقود ويديره بالكامل ثم يعود ليدهس الجميع..النهاية !
حاولت أن افكر فى سيناريوهات مختلفة لسير الأمور عقب 25 يناير . حلقة واحدة من سلسلة الأحداث المؤسفة تتعرض للكسر ... هل كانت ستتغير النتيجة ؟
عشرات من التشعبات والاتجاهات السياسية المختلفة التى ظهرت من العدم ، يكره احدهم الآخر بالتساوى . ويتحتم عليك بالطبع كراهيتهم جميعًا بنفس القدر. 

الثامنة والنصف صباح الجمعة 28/1/2011 .
استيقظت للتو . على ان اكون فى درس العربى خلال مدة قصيرة لكن كل محاولاتى للاتصال بباسم ولطفى باءت بالفشل . ظننت ان هناك شئ ما حدث لهاتفى ، لكن الحقيقة أن العطل كان قد طال كل الهواتف ، الأمر فقط هو اننى لم أدرك هذا بعد .
اذهب وحدى وأمام مكان الدرس ، اقابل ابو المكارم وابو شارب اللذان قد خرجا للتو من المجموعة السابقة .
سرت مع ابو المكارم وابو الشارب حوالى ثلاث ساعات ذاك الصباح أخبرونى فيهم أن هناك مظاهرات فى انحاء البلاد . واطلعونى عما يحدث .
تفاجأت بالامر ! لم اكن اعرف أى شئ يقع خارج عالمى المحدود بشدة . كان الأمر لا يعنينى . هذا بالاضافة الى ان بالطبع لا شئ سيتغير..لا شئ يهم .
ما زلت اذكر الحماس المشع فى عيونهم فى تلك اللحظة..ذاك الحماس الذى لم اعرف عنه شيئًا حينها..ذاك الذى تم دفنه بعدها ببضع سنوات مع العديد من الأشخاص _الذين لحسن حظنا_ لم يكونوا نحن .


الثالثة والنصف عصرًا ، الاثنين 30/11/2015 .
فى انتظار يسرى أسفل منزله . أنا وسيد نجلس فى المقعد الخلفى بينما يجلس باسم فى الأمام . لا أعرف كيف تحول مجرى الحديث من شئ لطيف مثل الدونتس الى شئ لاذع المذاق مثل احوال البلد ! لكنه حدث فقط .
تذكرت انا وباسم اللحظات الأخيرة التى كنا ما نزال نهتم فيها بالأمر .
نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة . الاعادة بين شفيق ومرسى..النظام يرتدى بلوفر ضد الاخوان . هزيمة ابوالفتوح وحامدين _الذان كانا يمثلان اتجاه الشباب حينذاك_ ونجاح مرسى وشفيق كان يعنى شئ واحد . هذا المكان لا يريد ان يتم اصلاحه بأى شكل..الشعب يريد الوضع ان يعود الى حاله السابق أو حتى أسوأ !
"بط هوين" لم تعد تبدو سخيفة الآن بلا شك . 
"سأسير بخطوات ثابتة الى لجنتى الانتخابية وابطل صوتى" هذا ما اخبرت به باسم حينذاك وهذا ما فعلته ..لقد خسرنا الحرب أيًا كانت النتيجة .

نظر باسم فى المرآة امامه وقال "فاكر لم كان عندنا امل البلد تتصلح ويطلع عينينا نقاش وزعيق مع الناس علشان نحاول نقنعهم" ابتسم كلانا ثم صمتنا قليلًا .
الدونتس..احوال البلد السياسة...كلاهما حلقة مفرغة لكن احدهما فقط يمتلك فائدة حقيقية على ارض الواقع .


الساعة حوالى الثالثة والنصف فجرًا ، الثلاثاء 1/12/2015
أترك الشرفة والأفكار التى لا طائل منها سوى تدخين المزيد من السجائر . اعود للداخل لأجد احمد مكرم ، قد كتب خارطة زمنية للأحداث مع وضع الاقتباس الأشهر من كل فترة . توقفت قليلًا عند اقتباس لبلال علاء " آمنا بكُل الأديان بحثًا عن اله يُرسل ملائكته ليخوضوا معنا حروبنا دفاعًا عن مباديء لم نعد واثقين منها" استحضر كل هذه المشاهد فى عقلى مجددًا..استرجع ذكريات النقاشات الطويلة بعد الكلية فى قهوة النوبة ، او على سطوح عبدالله ..أسترجع الشعور بالغضب تجاه الأمور _والذى فقدته منذ زمن_ واتذكر اخبارى لاحمد نفسه عن الأمر بينما يرفض هو أن يترك غضبه او يفقد الأمل .
استحضر صورة ابو شارب وهو يخبرنى عن صديق آخر له سقط فى جامعة القاهرة..استحضر فرحة ابو المكارم يوم التنحى ..ابتسم قليلًا .
الثورة نجحت فى تغيير كل شئ لكن فى النهاية لم يتغير اى شئ على الاطلاق .


الاثنين 25/1/2016
اظن ان التغيير الجذرى الذى طرأ على شخصى خلال السنوات الخمسة الماضين ، هو اننى توقفت عن التساؤل عما اذا كان هنالك امل فى حدوث تغيير .انا الآن ادرك جيدًا امكانية حدوث اى شئ . لكن السؤال الآن صار أكثر صعوبة من مجرد التساؤل عن امكانية حدوث شئ . السؤال الحقيقى هو اذا ما كنا نستحق هذا الشئ ؟


القصة عن مجتمع ينهار
وأثناء سقوطه يردد

"الأمر ما يزال على ما يرام"
"الأمر ما يزال على ما يرام"
"الأمر ما يزال على ما يرام"
ليس المهم كيف تسقط
بل كيف تهبط



 الكراهية 1995

Thursday, January 7, 2016

syntax error

انظر للآلة الحاسبة التى امسكها فى يدى . اعرف كل تلك الرموز الغامضة المتناثرة فى انحاء الشاشة الرقمية المستطيلة عن ظهر قلب واتساءل عن ميعاد ظهورة آلة حاسبة جديدة تغطى كل تلك الرموز الواقعة خارج الدوائر الكهربية لتلك الماثلة امامى .اصدار احدث يحوى رموز كتلك التى فى رأسى ولا يمكن رؤيتها على شاشة رقمية مستطيلة.. المزيد من الرموز لجعل الحياة أكثر سهولة ربما .
رموز جديدة لحل المزيد من المصفوفات وايجاد قيم مجهولة تم دفنها اسفل العديد من الجذور والأسس والتفاضلات . 

آخر استخدام تعلمته على الآلة الحاسبة علمنى اياه احد اصدقائى فى السنة الماضية . كنت ادور حول نفسى من اجل حل شئ شديد البساطة ، فابتسم وعلمنى الطريقة ثم كررها حتى حفظتها وصرت استعملها بسعادة فى كل امتحان لكننى لم اتمكن ابدًا من شكره..رحل قبل ان اتمكن من فعل الأمر ، وصار مجرد مجهول آخر كلما حاولت ايجاده ظهر على الشاشة بخط عريض "syntax error"

أريد فقط ان اعود ذاك الشاب الصغير فى الخامسة عشر من عمره ، ينظر لكل هذه الرموز على آلته الحاسبة  دون ان يفهم ما تعنيه ويتساءل بشغف اذا ما كان سيفعل . بالتأكيد لا يوجد شئ لا يمكن فعله باستخدامها..يمكنك ان تحكم العالم اذا ما تمكنت من معرفة معنى كل هذه الرموز . يغرق فى تفكيره لبضع لحظات ، ثم يستعمل تلك الرموز لكتابة كلمة بذيئة على شاشة الآلة  .
يريها لأصدقائه ثم يضحك .