Wednesday, May 20, 2015

الأوغاد ينتصرون دوماً

تعرضنا لكم لا بأس به من الأكاذيب أثناء طفولتنا ،بداية من ان السلحفاة تغلبت على الأرنب وحتى ان الحسنة تخص والسيئة تعم _والتى كان يتم تطبيق الشق ثانى منها فقط_ لكن ستظل اعظم كذبة هى حينما اخبرنا احدهم يوماً ان "الغاية لا تبرر الوسيلة" ورغم اننا لم نفهم اى شئ بطبيعة الحال الا اننا حفظنا الجملة عن ظهر قلب واكتفينا بهز رؤوسنا ببلاهة وكتبنا فى الامتحان ان جمع وسيلة : وسائل ، وان الجملة الاسمية تبدأ ب"اسم" ولم ندرك حتى وقت متأخر ان الجملة الاسمية هى الشئ الوحيد الذى لا يبدأ بفعل لهذا حياتنا ليست سوى جملة اسمية..العديد من الاسماء ، من الكلمات التى تبدأ بلام قمرية او شمية ، اما حينما يتعلق الامر بالأفعال فعلينا ان نتنحى جانباً ونترك مال قيصر لقيصر ونكتفى بهز روؤسنا.

على عكس أغلب ابناء سنى فقد تخليت عن النظرة المثالية للعالم منذ فترة طويلة وتعاملت مع العالم دون تجميل ، وهذا بالطبع مرهق وكئيب لكن الحقيقة هى ان الفراشات تنتهى أسفل شبشب بصباع ، والكوكاكولا تمنحنا الانتتفاخات وامراض القولون لا الفرحة ، كما ان العديد يموتون دون ان تملك حياتهم او موتهم اى معنى وعلى الارجح نحن احد هؤلاء الأشخاص وفى النهاية فالغاية _دائماً وابداً_ تبرر الوسيلة.

بالخط العريض يكتب احد أصدقائى "الثورة مستمرة" يتساءل بنفس الكيفية عن "حق الشهداء" يكتب عن "رابعة" عن "خامسة" وحتى اصبح العدد "خمستاشر" ومازال يكتب وسيظل يكتب الى النهاية لكننى تخليت عن الكتابة عن هذه الامور لأن سيظل الوضع على ما هو عليه ، هذا طبعاً بغض النظر عن ان الانتماء لاى حزب سياسى_كما قال احد اصدقائى_ يجعلك بطبيعة الحال مـ"طبلاتى" .
الأوغاد يحكمون العالم _ليس فقط مصر_ لكن التاريخ لا يذكر كونهم اوغاد فالغاية تبرر الوسيلة ولن يذكر احدهم الوسيلة طالما تمكنت من الوصول الى الغاية ، وكلما أصبحت الغاية اعظم كلما صارت الوسائل اكثر دموية واكثر قذارة وتلاعب وضرب اسفل الحزام دون هوادة ، بل احيانا قد يصل الامر الى كهربة اسفل الحزام لا الضرب فقط . لكن لا احد سيذكر هذا بعد عشرون عاماً حينما تصل الى غايتك العظيمة لن يدرك احدهم انك سوى انك ربحت وسيتنادون باسمك وبعظمتك ، هكذا كان الامر دوماً وهكذا سيكون .

فى قرارة نفسى ورغم كل الكراهية التى اكنها لهم ،لكننى دائماً ما تملكنى الاعجاب تجاه اولئك الذون تمكنوا من تطبيق منهج الغاية تبرر الوسيلة . أعرف ان عليهم فعل ذلك لكى يصلوا الى غايتهم . بداية من الطلاب الذين يقبلون مؤخرات اساتذتهم الجامعيين وحتى اولئك الذين راحوا يسيرون دون ان يغسلوا ايدهم من الدماء. اولئك الذين يناموا فى أسرتهم دون اى شعور بالذنب او اى تنغيص ضمير . اولئك الذين تمكنوا من اقتلاع كل ما ارادوه من العالم دون ان يعبئوا بمدى اخلاقية الأمر . أطلقوا سراح قبضتهم وتركوها تحصد ما تريد على عكسنا اولئك الذين يشعرون بالذنب حيال الأزمة الاقتصادية فى العالم والمجاعات فى الصومال .


التاريخ الأمريكى سلسلة غير منقطعة من المآساويات والدماء والقتل باسم الأمن العام ولكن لا أحد يعبأ طالما حلق نسر الحرية.لا أحد يذكر وبالتأكيد لا أحد يهتم.


ستالين انتصر وفى نهاية الامر مات على سريره كما فعل تشرشل والذى كانت جنازته احد اكبر الجنازات فى التاريخ .بكاهم الكثير وسيبكى قلة مندسة أولئك الذين ماتوا فى الحرب ، فعلى الجنود ان يموتوا فى الحرب لأنه واجبهم تجاه وطنهم اما الملوك فيموتون فى اسرتهم ، ومهما بلغوا من العمر يظلون صغار جداً على الموت .


الاخوان خسروا ليس لأنهم لم يطبقوا المنهج فلطالما طبقوه لكن حينما وصلوا للسلطة لم يمتلكوا الجرأة الكافية للتصريح بالأمر واكتفوا بالرقص على السلالم الساكنة والذى هو عبث تام ، فالرقص على السلالم المتحركة يجعلك فى النهاية تصل الى غايتك لان السلم سيتحرك حتى ان توقفت ، كما انه يصلح كاسم جيد لمسلسل ناجح فى التلفيزيون المصرى . اما الاخوان فقد سقطوا لانهم لم يستطيعوا ان يكونوا اى شئ وانتهى بهم الامر بالسقوط من على السلالم والموت بالأسفل .


الزند اصبح وزيراً للعدل ومنذ فترة ليست ببعيدة تم اعدام مجموعة عن قضية لا تزال غير مفهومة والناس اصابهم الغم حينما قال الوزير السابق ان ابن الزبال لا يمكن ان يصير قاضى رغم انهم جميعاً يعرفون انه كان محق بل ان بعضهم يشيح بنظره بسرعة عند روية ابن الزبال ويكتمون انفاسهم حتى لا يشمون رائحته القبيحة ، لكنهم يظنون انهم افضل من هذا..الكل يظن انه افضل من هذا لكن الحقيقة اننا كلنا مشوهين .


مصيبتنا لم تكن يوماً فى اننا يتم حكمنا بواسطة حفنة من الأوغاد . مصيبتنا الحقيقية هى اننا لسنا اوغاد بالقدر الكافى لكى نتمكن من النجاة .

لهذا سنموت جراء تشخيص طبى خطأ ، فى حادث سيارة ، فى مظاهرة ،اثناء قيامنا بخدمة الوطن على الحدود ، او حتى أثناء عبورنا الطريق . سنسقط ولن يذكرنا احد ولن نغير شئ .ففى النهاية سيزيف لم تعد على اكتافه الصخرة وسبارتكوس جبهته بالموت محنية اما نحن سنكتفى بهز رؤوسنا كما فعلنا دوماً حتى تسقط هذه الرؤوس للأبد .

No comments:

Post a Comment